العناوين

عندما يتجاوزون الخطوط الحُمر

مقال/ جمال شنيتر:

عند تعيين الاستاذ محمد صالح بن عديو محافظا لمحافظة شبوة ، كانت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظة وعلى رأسها الشيخ علي محسن السليماني رئيس المجلس ، من اول المرحبين بذلك ، ومنذ اليوم الاول لوصوله ، كان الانتقاليون في استقباله ، وأكدوا له انهم الى جانبه فيما يخدم شبوة في امنها واستقرارها وتنميتها .
ومضت الايام والأسابيع ولم ينقطع التواصل بين المحافظ وقيادة الانتقالي .
هذا الموقف الذي ابداه الانتقالي نابع من حرص قيادة الانتقالي على خدمة هذه المحافظة والتعاون مع السلطة والآخرين من اجل شبوة ، حتى وان كان الانتقالي يختلف معهم سياسيا ، مع العلم ان الانتقالي قاطع سلطات المحافظ السابق علي بن راشد الحارثي ، مع انه لم يكن له غطاء حزبي او مشروع سياسي ، في ظل تفتت وتشرذم حزب الموتمر الشعبي العام الذي كان الحارثي عضوا فيه في وقت مضى .
مازاد من موقف الانتقالي تجاه المحافظ بن عديو ، تصريحات المحافظ في اول عهده من انه سيكون مع الجميع ، وانه فوق الحزبية التي سيطرحها جانبا ، فهو مسؤول عن جميع ابناء شبوة بحسب قوله .
كلمات المحافظ المنتمي للتجمع اليمني للاصلاح ، فتحت افق جديد لعلاقة جيدة مع جميع الاطراف السياسية بالمحافظة وفي المقدمة المجلس الانتقالي الذي يعد القوة السياسية والشعبية الاكبر والاوسع بالمحافظة .
لا يخفى على احد مدى الحساسية المفرطة او لنقل الخصومة التي تمتد لسنوات بين الحركة الوطنية التحررية الجنوبية المتمثلة سابقا بالحراك الجنوبي من جهة والتجمع اليمني للاصلاح من جهة اخرى ، نتيجة العداء السافر الذي ابداه الاصلاح تجاه توجهات الجنوبيين المطالبة بانهاء وحدة مايو 1990م .
هذه الحساسية والخصومة ورثها الانتقالي عند اعلانه قبل عامين ، وظلت جماهيره في شبوة والجنوب عامة ترى في الاصلاح الخصم رقم واحد ، وظلت العلاقة بين الطرفين يشوبها التنافر والخصومة الشديدة .
ولهذا ساد القلق قطاع واسع من انصار الانتقالي من التقارب الذي ابدته قيادتهم تجاه المحافظ بن عديو ، لكن القيادة اصرت على فتح خط تواصل مع المحافظ ولو بطريقة غير مباشرة ، وعملت على تهيئة المناخ السياسي للاخ المحافظ نحو البناء والتنمية ، ولم ترضخ لكثير من الاصوات المعارضة داخل الانتقالي .
لكن يبدو ان الشرعية ، ارادت استغلال هدؤ الانتقالي وصبره ، وتفاهماته غير الرسمية ، وحالة الوفاق السياسي ، فأرادت تحقيق مكاسب سياسية ضد مشروع الانتقالي والحركة الوطنية الجنوبية عامة ، من خلال تنفيذ عدة خطوات عسكرية وسياسية ، من اهمها اخراج النخبة من قلب العاصمة عتق الى محيط العاصمة ، و احلال قوات عسكرية شمالية واصلاحية بدلا عنها ، وتسليم تبة الاذاعة المحلية لقوة عسكرية ، واستغلال احداث مرخة بين النخبة والسادة ، ومضايقة عدد من المسوولين الذين تربطهم علاقة مناصرة للانتقالي ، ثم استقبال مسوولين شماليين في المحافظة .
غير ان احدث تلك الخطوات الترويج لما يسمى بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني في عاصمة المحافظة ، تلك المخرجات التي رفضها ابناء شبوة والجنوب قبل حرب 2015م ، فكيف بالله يقبلوها بعد حرب الكتلة الزيدية على الجنوب ، وعلى شبوة التي قدمت اكثر من ثمان مائة شهيد في حرب تحرير شبوة الاخيرة .
ابناء شبوة بحراكهم السلمي وصدورهم العارية رفضوا تلك المخرجات في حينها ، ففي عهد حكومة المحافظ الراحل احمد علي باحاج رحمة الله عليه ، خرجت شبوة رافضة لتلك المخرجات ، وحاصرت تلك المسيرات مرافق القطاع العام ورفعت اعلام الجنوب وغيرت اسماء مدارس ، وعزلت السلطة المحلية ، واغلقت كثير من الادارات الحكومية ، وسقط اكثر من عشرة شهداء في عتق لوحدها دفاعا عن التطلعات الجنوبية ، كان اخرهم الشهيدين مطلوب شتيرات وعمران السليماني ، كل ذلك فعلوه وكانت تلك الجماهير لاتملك ثمن علبة ماء ، فما بالكم اليوم وابناء شبوة يمتلكون من القدرات الكثير لإسقاط تلك المخرجات .
لهذا جاء لقاء امس الذي جمع قيادة الانتقالي مع قادة الفصائل الجنوبية ، ليضع النقاط على الحروف ، بعد ان استفزت تلك الخطوات القاعدة الشعبية وفي المقدمة المقاومة الجنوبية ، وهو الامر الذي تجلى في مطالبة المقاومة لقيادة الانتقالي بإنهاء التفاهمات السابقة مع الحاكم .
لهذا من الاحرى على هولاء ممن يستغلون حالة الوفاق السياسي التي ابداها الانتقالي ، ويمارسون مشاريعم السياسية ضده ، عليهم اعادة النظر على الاقل ليس في مشاريعهم السياسية ، وانما في تنفيذها في شبوة والجنوب ، حرصا على ابقاء حالة الوئام والوفاق بشبوة ، وان كانوا مصرين عليها ، ننصحهم بنقلها الى سد مارب او جحملية تعز ، او حتى عقدها على ضفاف مضيق البسفور في اسطنبول .
لاداعي لاستفزاز الانتقالي بتجاوز الخطوط الحُمر ، اقل شي من اجل شبوة ، خاصة وان لايخفى على الجميع ، الادوات العديدة التي يمتلكها الانتقالي السلمية وغير السلمية ، لوقف اي عمل سياسي مضاد للمشروع التحرري الجنوبي ، المتمثل في فك ارتباط دولتي الوحدة واقامة الدولة الوطنية الفيدرالية الجنوبية وعاصمتها عدن .
شخصيا اتمنى ان تبقى التفاهمات لما فيه مصلحة شبوة ، مادام لن يؤثر ذلك على مسار المشروع الجنوبي ، لكن في المقابل على الشرعية ومن يدور من فلكها من قوى انتهازية ان تكون عند مستوى المسوولية الاخلاقية اولا .
جمال شنيتر
( راي شخصي )

شاهد أيضاً

عندما يصير كبش العيد براتب ثلاثة موظفين بالتربية في ظل حكومة معين

(عدن السبق)متابعات: وصل حال الإنسان المدني الموظف البسيط في حكومة معين المعين تحالفيا والمدعوم كذلك …