مقالات الرأي
28 سبتمبر، 2018
كتب/ م.مصطفى الصياء
لم اتناول الموضوع لاكون بة مدافعا عن حكومة الفساد أو ملتمسا لها العذر ففسادها واضحا كوضوح الشمس في رابعة النهار.
أيضا لم اتناولة كي ألغي بة اللوم على الشعب باعتبارة سببا في الفساد او شريكا فية ، ولكني أنقل في المقال (وجهة نضر فقط) دون الخوض بالتفاصيل ولكن سأتناول مضاهر الفساد بمفهومها العام .
ولك عزيزي القارى ان تميز بين فساد كليهما ،
• فهل نحن الشعب جزء من هذا الفساد أو شركاء فية .
• أم أن الفساد هو فساد الحكومة فقط .
• أم أن الطرفان مسؤولان عن الفساد الذي يتعملق وبرعاية من الجميع إلا من رحم ربي .
_ولكن بكل الاحوال سيظل وزر الحكومة أكبر من وزر الشعب ._
كثيرا هي جملة الاسباب التي جعلتني اتناول موضوع الفساد من هذا المنضور (فساد الدولة أم فساد الشعب ) والذي تناولة الكثير من الكتاب والمثقفين على مستوى العالم العربي ولكن أكثر ما لفت انتباهي مقالا كتب تحت عنوان “من الأخطر فسادا : الدولة ، أم الشعب ، أم النخب الفكرية” للكاتب المغربي “نور الدين بورحيلة” ، كتبة بأسلوب جميل موضحا فية فساد الدولة وفساد الشعب وأيهما أخطر فاقتبست منة بتصرف .
لقد كثر الحديث عن فساد الدولة ، فإذا كان الإقرار والتسليم بان هناك فساد شامل قد اصبح مستشريا ومتفشيا في كل مفاصل الدولة أمر يجمع علية الكل (حتى الفاسدين أنفسهم ) ، فإن المُفارقة المثيرة للجدل تكمن في معرفة وتحديد : (من هو المسؤول الحقيقي عن الفساد ؟ ) ، سيما وأن هناك نتائج وافرازات سابقة من الفساد أدخلت الوطن إلى غرفة الإنعاش وهو على مشارف الانهيار الاقتصادي التام والإفلاس، حسب التقارير التي نشرها ألبنك الدولي مؤخرا .
فهل يحق لنا أن نُحمِّل مسؤولية الفساد إلى الحكومة أم أن فساد الشعب هو المسؤول على تردي الأوضاع إلى الحضيض أم أن المسؤولية تتحملها النخب الفكرية التي تم شراء معظمها وهمَّش المعارضين منها ولاذ بِضْعُ الشرفاء منها بالصمت؟؟
تتعدد الآراء ووجهات النظر في تحديد من هو المسؤول عن الفساد ، سيما ونحن أمام هذا الوضع الكارثي الذي يتخبط فيه الوطن .
فمن المسؤول إذا .
– هل الحكومة هي أصل ألفساد ؟
هو الأمر الذي لا شك فية ولا لبس أن الحكومة هي الأخطر فسادا بحكم حيازتها على كلا من : السلطة التشريعية التي من شأنها سن وتشريع القوانين ، أيضا السلطة التنفيذية .
بمعنى أن الدولة هي المسؤولة عن الفساد وحمايته ورعايته وتحويله إلى ثقافة ينخرط فيها كل الشعب .
اذ لا يخفى على أحد قائمة الفساد المالي والإداري الذي أصبح أخطبوطا تمتد أذرعة في كل مناحي الحياة وله خدام واعلاميين مأجورين يسعون بكل السبل لجعل هذا الفساد أسلوب حياة كما هو موجود حاليا من انتشار الفساد في كل القطاعات الخدمية ومناحي الحياة والعلاقات اليومية .
إن قائمة فساد الحكومة طويلة وهي لاتخفى على كل ذي لب ولا تحتاج الى كثرة شرح أو اسهاب ، فالكلام عن فساد الحكومة بكل جوانبة قد تكلم فية الكثير حتى ان منهم من تناولة بالتفصيل ، ايضا الواقع الذي يعيشة الوطن اليوم من وضع اقتصادي منهار كفيل بشرح ذلك الفساد .
– إذا هل الشعب هو أصل الفساد ؟
اذا سألت الشعب عن الفساد حتما ستكون ألاجابة ان الحكومة هي أصل الفساد ولكن
الا يرى الشعب ان فسادة هو الأخطر وأن الدولة هي مجرد مرآة تعكس حقيقة الشعب ، لان هؤلاء الفاسدين ، لم يأتو الينا من كوكب أخر ، بل هم من أبناء الشعب ، ولكنهم وجدوا نقاط ضعف في جدران النظام الوطني يستطيعون من خلالها ممارسة فسادهم فاستغلوها .
لذلك يقول المفكر عبدالرحمن الكواكبي إن الشعب الفاسد هو قوَّة الفساد وقُوتُهُ بهم عليهم يصول ويجول ويغري بعضهم على بعض فيفتخرون من اغراهم بسياسته، فإذا أسرف في أموالهم يقولون كريماً ،وإن نقم عليه منهم بعض الأباة قاتلهم كأنهم بُغاة”.
إن الشعب الفاسد هو الذي يُمْعِنُ في إفساد ذاته، ويتفنَّنُ في نشر ثقافة الفساد ، واستخدام خطاب الإفساد ، واعتبار الفساد هو الأسلوب الفعال لتحقيق المكاسب وقضاء الحاجيات.
والنتيجة سيكون شعب له قابلية الإفساد بكل المضاهر.
• إفساد العلاقات الاجتماعية حيث يسود قانون القوة ضدا على قوة القانون.
• إفساد “المفاهيم” أولا بُغية إفساد الأفكار وقلب الحقائق.
على سبيل المثال تُقدّم الرشوة في بنية مفاهيمية على انها دلالة الذكاء وحسن التدبير
(أوليست الرشوة تعتبر وفق المواطن الفاسد هي أسرع الطرق لحل المشاكل والثراء وربح العلاقات).
• إفساد الرسالة التربوية، حيث تصبح المؤسسات التربوية جزاء من مشكل الفساد، وظيفتها هي صناعة القطيع ، بدل أن تكون فضاء للتعليم وبناء المواطن العقلاني الذي يتصف بالحرية والإرادة الحامل للكرامة التي تستوجب الاحترام والذي يتحمل مسؤولية أفعاله، بحيث يكون لديه الجرأة على إعمال عقله وممارسة التفكير النقدي، إنه المواطن المتعلم الذي يرفض ممارسة الفساد عليه، ويرفض أن يعيش في العجز والقصور .
لقد غدت وللأسف الشديد الكثير من هذه الأفكار الفاسدة متداولة بين المواطنين، وأضحت تتكرس كقيم متعارف عليها، واصبحت تُروَّجُ قيم الخداع والمراوغة والغش والنصب والاحتيال والتحايل والعنف كأخلاق ناجعة وواقعية حتى اصبح السواد الأعضم من الشعب يقضون مصالحهم بهذة الطرق الفاسدة .
فإذا كان الفساد متجدر في الحياة اليومية من أبسط مواطن فما بالك بالدولة ..
أخيرا إن الشعب المستبِدُّ الجاهل الفاسد ، يُنتِج دولة مستبِدَّةً فاسدة جاهلة ، والشعب الُحُرُّ المتنوِّرُ المتحضِّرُ حتما سينتج دولة حرَّة تنويرية متحضرة.
وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .