العناوين

لماذا لا تتراجع أسعار السلع بعد هبوط الدولار ؟

(عدن السبق) تقرير خاص ” ليزا الجاندي”:

ينتظر اليمنيون ولا يزالون سماع أنباء عن تراجع اسعار السلع والمواد الاساسية والمشتقات النفطية بعد الانخفاض النسبي لاسعار الدولار امام الريال اليمني، لكن هذا الانتظار لم يكن كما يأملون أقله حتى الآن، فرغم التحسن الطفيف في أسعار الصرف واعلان البنك المركزي عن تحديد سعر الريال مقابل الدولار وتحديده بـ “585” ريالا ، ورغم الحركة النشطة في ميناء عدن ودخول مئات الحاويات التي على متنها بضائع وسلع متنوعة ، وارسال السعودية باخرتين سعوديتين تحملان مشتقات نفطية إلى عدن ، الا ان كل ذلك لم يدفع التجار لمراجعة الاسعار ، التي اثقلت كثيرا كواهل المواطنين ، وانهكتهم ، فيما لا تزال الحكومة وادواتها الرقابية على السلع خاملة أو عاجزة عن ضبط الاسعار ، ووقف المتلاعبين والمتاجرين باقوات الشعب ، الامر الذي منحهم فرصة لثبيت الأسعار العالية للسلع ، رغم انخفاض سعر الصرف، وهي المفارقة الوحيدة في اليمن التي لم يجد لها الاقتصاديون والمراقبون تفسيرا منطقيا لبقاء اسعار السلع ثابتة في ارتفاعها في حين ان سعر الدولار يتراجع.

غياب الرقابة:
ويرجع تجار التجزئة استمرار اسعار السلع في ثبوتها على ما كانت عليه حيث عندما كان سعر الدولار يتجاوز 750 ريالا ، وبعد هبوطه الى ما دون الـ “600” ريال ، إلى تحكم المستوردين الكبار بأسعار السلع ورفضهم تخفيضها في ظل غياب الرقابة القانونية على هؤلاء التجار، وانشغال الحكومة بمرتبات مسؤوليها ومصالحهم الشخصية على حساب المواطن الغلبان ، حيث يؤكد أحد تجار التجزئة على عدم علاقتهم ببقاء الاسعار مرتفعة مرجعا ذلك الى التجار المستوردين الذين يرفضون التخفيض ، تماشيا مع التطورات الاقتصادية الجديدة وخاصة انخفاض سعر الصرف.

حيتان الفساد:
في حين يرجع تاجر آخر بقاء الأسعار على حالها من دون تخفيض، إلى تحكم التجار الكبار بأسعار السلع، وذلك يعود في طبيعة الحال لعدم محاسبتهم من قبل الجهات الرسمية التي منحت تجار الازمات فرصة كبيرة للتلاعب باقوات المواطنين، مطالبا الجهات المعنية ممثلة بوزارة التجارة وشركة النفط ، بانزال حملات ميدانية وفرض عقوبات وامتلاك الشجاعة والقرار لمحاسبة الحيتان الكبار ،والا تقتصر العقوبات والاجراءات على صغار التجار بل يجب ان تنال من اولئك الذين يسعرون المواد على هواهم.

وتحدث المواطن مروان صالح ان اصرار التجار على ثبيت اسعار السلع بأثمانها العالية ، رغم انخفاض اسعار الصرف، يعود الى غياب الدور الفاعل على الواقع للجهات الرقابية المعنية بضبط حركة السوق المحلية ، والزام التجار بسعر موحد للسلع والزامهم ايضا باشهار اسعار السلع على ابواب محلاتهم.

خيارات ذات جدوى!:
ولذلك يتساءل المراقبون، والذين هم لسان حال المستهلكين المنهكين من ارتفاع الأسعار، لماذا لم نشهد تحركاً جديا وحقيقيا من أصحاب القرار الاقتصادي لردع التجار وانهاء تلك التجاوزات التي يمارسونها؟.

المواطنة سعاد محمد صالح توكد أن من أسباب عدم تخفيض الأسعار هو رفض التجار المتسوردون التخفيض التلقائي للأسعار، محتجين بسعر الدولار وارتفاع التكاليف في ظل عدم وجود أدوات ضغط تضبط العرض وتمنع الاحتكار وتفرض عقوبات ردعية فاعلة، وترى “سعاد” ان الحل في توفير الأدوات الرقابية وان تقوم بدورها الحقيقي في الرقابة على السلع والأسواق.

تراجع سعر الدولار مرات عدة بشكل مؤقت، إلا أن أسعار السلع لم تنخفض، وهذا ما أثبتته التجربة أكثر من مرة، فالتجار يتجاهلون بشكل متعمد انخفاضه، ولا تعود الأسعار خطوة واحدة إلى الوراء مهما تراجع الدولار وهوما يستدعي اتباع وسائل عقابية رادعة مالم فستظل الاوضاع منفلتة لصالح أصحاب رؤوس الأموال من مستوردين وتجار بالدرجة الأولى.

أسباب عدة:
بدوره أوضح الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الإعلام الاقتصادي مصطفى نصر ان عدم تراجع اسعار السلع يعود إلى عدة اسباب منها عدم استقرار سعر الريال مقابل الدولار حتى الان اذ ما يزال هناك حالة من التوجس والترقب جراء التراجع الذي حدث مؤخرا وهناك شكوك لدى التجار بأنه قد يعاود الارتفاع مجددا.

وأشار نصر إلى أن الشراء للبضائع تم قبل التراجع الاخير وبالتالي لن تظهر اثار التراجع الاخير بصورة سريعة اذ ان ذلك يتطلب بعض الوقت حتى تصل البضائع التي تم تمويلها بسعر البنك المركزي.

وقال الخبير الاقتصادي في تصريح خاص لـ “عدن السبق” أنه وفي حال حافظ الريال على استقراره الحالي او تحسن اكثر سوف تبدأ تظهر الاثار الايجابية لذلك خلال الاسابيع المقبلة.
وارجع عدم تراجع أسعار المنتجات المحلية “كالالبان والزبادي ومشتقاتها وغيرها من السلع محلية الصنع” رغم انها غير مستوردة إلى حالة عدم الثقة باستقرار الريال عند السعر الحالي التي لا يمكن الوثوق بها بعد وشدد نصر على ضرورة فرض رقابة فاعلة من قبل السلطات الحكومية وتعزيز حرية المنافسة ومنع الاحتكار او الاستغلال.

وقال : “لابد من القيام بأدوار رقابية والعمل على ضبط حرية المنافسة لانها كفيلة باحداث تعديلات في الاسعار وفقا للتراجع في سعر الريال مقابل الدولار”.
ودعا نصر إلى مراعاة الظروف المعيشية للمواطنين ومصلحة المجتمع في الحرب الاقتصادية التي بدأت فعليا بين الحكومة الشرعية وميليشيات الحوثي.

عقلية تبريرية:
من جهته يقول محمد عبدالله أن جهات نافذة ومسوؤلين في الحكومة وجهات لا تعبأ بمعاناة المواطنين ، لاتجد مناسبة إلا وتحمّل فيها الدولار مسؤولية ارتفاع الأسعار، وهو لا يعدو عن مكونه فصلاً جديداً من مسرحية أتقن لوبي المصالح وتجار الازمات ومن خلفهم أداءها، وهوما يؤكد وبشكل قاطع أن القصة ترتبط بعقلية تبريرية لكل سلوكيات التجار وجشعهم مهما بلغت درجة استغلالهم للمواطنين ، وهو ما يفضح علاقة تلك اللوبيات بتجار الاستغلال وتعاونهم مع بعضهم لنهب المستهلكين واستغلالهم، لأنهم يغطون نهبهم ويبررونه.

أما خالد الشيخ فيتحدث عن سلوك سلبي وصفة يكاد يتفرد بها تجار اليمن عن نظرائهم في الدول الاخرى ، وهي ان عندما يقرون سعر معين للسلع بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار لايتراجعون عنه ابدا ، وهي قاعدة شاذة – بحسب الشيخ لا تتوافق مع اي قاعدة ، لا قانون العرض والطلب ولا مع قوانين التجارة ولا قوانين السوق والبيع والشراء في اي دولة .
مرجعا ذلك الى ما قال انها علاقة خفية مع لوبيات الفساد في الجهات المسؤولة وبين التجار الموردين، حيث يتم منحهم الغطاء لالحاق مزيدا من الضرر بالمواطن الذي لا يجد قوت يومه ويعجز عن توفير الضروريات فضلا عن الكماليات.
وطالب المواطن وسيم فضل الحكومة والتجارة والصناعة والسلطة وادواتها الرقابية المختلفة بفرض اجراءات رداعة على التجار وذلك حتى لا يظل قوت المواطن رهن مزاجية المستوردين وجشعهم .

وخلال الأيام الماضية شهد الريال تحسنا كبيرا بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الشرعية في عدن، ومن ضمنها تأمين الدولار للتجار لشراء المواد الغذائية بسعر 570 للدولار الواحد.
وكانت العملة الوطنية شهدت هبوطاً حاداً في سبتمبر الماضي ووصل سعر الدولار إلى مستوى قياسي.

شاهد أيضاً

الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي يستقبل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ونائبه

(عدن السبق)متابعات: استقبل الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس …