العناوين

عام جديد .. ومن يقرأ مزاميرك يا داوؤد ؟!

بقلم/ أحمد حسن العقربي

جبلنا مع إطلالة كل عام جديد نهنى أنفسنا و نتفاءل أن يكون عاما” أفضل حال من العام الماضي و نتمنى و نحلم و أحيانا” نغرق في أحلام يقضتنا و نطلق الشعارات العاطفية غير الواقعية التي لا يراد منها سوى الاستهلاك السياسي و إمتصاص غضب المواطن المغلوب على أمره

و المتتبع للشعارات الحكومية والحزبية التي تطلق مع إطلالة كل عام جديد سيجدها كثيرة” و براقة ملفتة” لإثارة عواطف العامة وفي كل مرة” تتنوع الشعارات كأن يطلق البعض مثلا” على العام الجديد شعار ….عام الأمن و السلام الاجتماعي و تارة” أخرى عاما” للتنمية و القضاء على الفساد و المحسوبية و أحيانا” ندعو إلى منع حمل السلاح في المدن والأحياء و الأماكن العامة و لن نقف عند هذا الحد بل نتجرأ لنطلق شعار : القضاء على الوساطات و المحسوبية بل إن الصحف الرسمية تكون ملكية أكثر من الملك تتصدر مانشيتات صفحاتها الأولى شعارات تتجاوز الأماني فتدعو أن يكون هذا العام مثلا” عاما” لاستقرار الخدمات الإجتماعية و للحفاظ على مقومات الدولة و حماية الملكية العامة و الخاصة الخ…. لكن سرعان ما نفاجئ بتبدد و تبخر تلك الشعارات في الهواء ولم تترجم في الواقع .. و الحصيلة في الأخير أن الأمور تزداد سوء و الخلل الأمني يظل قائما” و الخدمات الإجتماعية ما برحت مفقودة” أن لم تكن ضعيفة .. فيما تتوغل الجرائم المركبة التي لم يعهدها شعبنا والأمراض ا لإجتماعية في جسم المجتمع في حين الحق بات ضائع” و قانون الغاب هو السائد على حساب قوة القانون و أصبح من باب التندر أن يرى المواطن كل يوم مسلسل الاستحواذ على الملكية العامة … و مقومات الأمة تنهب و تستباح في ضوء النهار و السلطة تغض النظر و كأن الأمر لا يعنيها .. لا من قريب ولا من بعيد و يا روح ما بعدك روح !!

وحتى محمياتنا البيئية لم تسلم من إبتلاع المتنفذين و الخارجين عن القانون … أما انتشار ظاهرة حمل السلاح و إطلاق الأعيرة الناريةالتي حصدت أرواح كثير من الضحايا . فحدث ولا حرج إذ ازدادت بأكثرصفاقة و تحدي …و الشرطة شاهد ما شافشي حاجة!!

كل هذا المشاهد المؤلمة أوجدت في أنفسنا الإحباط و أجزمنا القول بما لا يدع مجالا للشك أن واقع كهذا بحاجة إلى شخصية قوية كشخصية شمشون الجبار تلك الشخصية الأسطورية لنفتش عنها في التراث القديم…قاتل الأسود التي لم تهوله امتلاك السماء و أغوار الماء فيدك الجبال دكا و يخرج من أجاج البحر ماء عذب.. لكن سرعان ما تسللت إلى قلبة بالغواية حبيبته المتآمرة دليلة فتكشف عن نقطة ضعفه في شعره الطويل فقصته بالموس هنا تزال قوة جسده فيهوي ضعيفا” حائرا” بين أيدي أعدائه فتنتهي هذه الأسطورة

ويتبدد حلمنا سرابا… أم أننا بحاجة إلى معجزات مصباح علاء الدين السحري أو أعاجيب خاتم سليمان ؟..وحينها نجد انفسنا نعيش في سراب التأرجح بين أحلام اليقظة و الشك و اليقين مسكونين بالاحباط لنعود لنقل من يقرأ مزاميرك يا داوؤد أو كأنك يا ابى زيد ما غزيت!

بل ما يثير التقزز في نفوسنا ما نقرأه في هذه الأيام من نفاق و تزلف في بعض الصحف الرسمية أو المفرخة التي اذا ما جاز لي التعبير أن أطلق عليها صحافة صفر الضمير التي تلوك لغة السياسة الجافة و تفوح منها روائح الإنتهازية اللأأخلاقية فتتحدث عن إنجازات لا وجود لها في الواقع ولا لها تأثير في حياة المواطن أو احيانا نتحدث عن إنتصارات ضائعة يتم عرضها ونشرها في أسلوب صحفي فج يزيف الوعي ولا يهز كيان المواطن أو يخلق الوعي لديه .. وهو الشعور الذي يجعلنا نستذكر عهد الصحافة الجميل وروادها في الخمسينات و الستينات من القرن الماضي و لكن لا مجال لذكر المقارنة بواقع صحافة اليوم التي اشبة ما تكون كالفرق بين الصراحة و النفاق و نعود لنتساءل.. متى تتمثل صحافتنا العبارة الصحفية التأريخية المشهورة التي خاطب بها رائد الصحافة اليمنية و الوطني التقدمي الكبير و النقابي البارز المناضل عبدالله عبدالرازق باذيب. . قيادة الصحافة الشعبية في عدن في أواخر الخمسينات وفي حربه .بدون هوادة ضد الصحافة الأنتهازية في عدن إبان العهد الإستعمار البريطاني حينما خطابهم بقوة القلم الشجاع و صاحب الرأي و الموقف قائلا لهم : يجب أن نجعل للأحرف ضجيج تذيب جليد الفساد و نور يكشف عن خفافيش سارقي قوت الشعب وهو في الحقيقة إسقاط لواقع بؤس الصحافة الرسمية و الصحف المفرخة من الباطن و الصحف الإنتهازية البرجماتية في بلادنا ، التي تتحرك وفق المصلحة وليس وفق المبادئ وأخلاقيات العمل الصحفي .. وأمام هذا الواقع يبرر السؤال : أما آن الأوان

لنتمثل حكمة ذلك العملاق الصحفي و الوطني الكبير باذيب الذي درج على قول كلمة الحق الشجاعة و لا يخاف قولها لومة لائم و نتساءل أيضا” إلى متى نظل ندور في حلقة اليأس الحديدية التي لا نعرف بدايتها من نهايتها؟

ثم لماذا لا تكون لدينا الإرادة في إشعال معركة ضد الفساد يشترك فيها الجميع أنا وأنت والمواطن المغلوب على أمره وأنت الشاب الفقير و كذلك العجوز المتقاعد و الموظف البسيط و المرأة المقموعة و المقهورة و الأم الحانية على أطفالها الساهرة على مستقبلهم و المتقفون الوطنيون و الجائعون و حتى الأجيال الناشئة و كذلك التي لازالت في رحم المجهول لنشترك جميعا” في هذه المعركة ضد القطط السمان التي نهبت خيرات الوطن و أولئك المظللين و المتاجرين بقوة الشعب وأعداء الحياة والتقدم الإنساني أمثال هؤلاء يتكاثرون اليوم و يزحمون الجو و يسممون كل شي جميل و ضروري في حياتنا .. الهواء .. الماء و النور و الوعي

صحيح قد يتهيب . البعض فيقول أن المعركة ستكون غير متكافئة أو متوازنة القوى .. هم أصحاب الجاه و الثروة و السلطة و المال

والإمكانيات وورائهم مراكزهم و أعمدة ترائهم و القوى التي تقف ورائهم و الكلاب التي تنبح الشرفاء و يضعون مكامن الحس و النبض من كيانهم و بالمقابل نحن الفقراء لا نملك شيئا” .. لكننا نملك كل شئ .. ظمائرنا وأقلامنا الوطنية و نملك كلماتنا و حواسنا و نملك الغد و المصير و نتبث لهم أن كلامنا ليس حماسا”

شاهد أيضاً

عندما يصير كبش العيد براتب ثلاثة موظفين بالتربية في ظل حكومة معين

(عدن السبق)متابعات: وصل حال الإنسان المدني الموظف البسيط في حكومة معين المعين تحالفيا والمدعوم كذلك …